ينفض المجابة، ولا علم له بما خلفها من الفيّوم «١» ، فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره ذلك.
قال ويقال: بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد، فسار حتى أتى القيس، فنزل بها، وبه سمّيت القيس، فراث على عمرو خبره، فقال ربيعة بن حبيش: كفيت. فركب فرسه فأجاز عليه البحر- وكانت أنثى- فأتاه بالخبر. ويقال: إنه أجاز من ناحية الشرقيّة حتى انتهى إلى الفيوم*) وكان يقال لفرسه الأعمى. والله أعلم.
قال:(* وبعث عمرو بن العاص، نافع بن عبد القيس الفهرىّ- وكان نافع أخا العاص بن وائل لأمّه- فدخلت خيولهم أرض النوبة صوائف كصوائف الروم، فلم يزل الأمر على ذلك حتى عزل عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فصالحهم*) وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله.
ذكر فتح برقة
(٢ قال: وكان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت؛ فلما قتله داود عليه السلام خرج البربر متوجّهين إلى المغرب؛ حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية- وهما كورتان من كور مصر الغربيّة مما يشرب من السماء، ولا ينالها النيل- فتفرّقوا هنالك؛ فتقدّمت زناتة ومغلية إلى المغرب، وسكنوا الجبال، وتقدّمت لواتة فسكنت أرض أنطابلس؛ وهى برقة؛ وتفرّقت فى هذا المغرب، وانتشروا فيه ٢) حتى بلغوا السّوس، ونزلت هوّارة مدينة لبدة، ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت، وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك، وأقام الأفارق- وكانوا خدما للروم- على صلح يؤدّونه إلى من غلب على بلادهم.
(٣ فسار عمرو بن العاص فى الخيل حتى قدم برقة؛ فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدّونها إليه جزية، على أن يبيعوا من أحبّوا من أبنائهم فى جزيتهم ٣) .
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: كتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر فى شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية.