شارعة «١» فى مرساها «٢» إلى بيوتهم فنظر المدلجى وأصحابه، فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة، ووجدوا مسلكا إليها من الموضع الذي غاض منه البحر، فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة، وكبّروا، فلم يكن للروم مفزع إلّا سفنهم؛ وأبصر عمرو وأصحابه السلّة «٣» فى جوف المدينة، فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم، فلم تفلت الرم إلا بما خفّ لهم من مراكبهم، وغنم «٤» عمرو ما كان فى المدينة
وكان من بسبرت متحصّنين (واسمها نبارة وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين) فلما بلغهم محاصرة عمرو مدينة أطرابلس وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا، فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس، جرّد خيلا كثيفة من ليلته، وأمرهم بسرعة السير، فصبّحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا، وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم «٥» ، فدخلوها فلم ينج منهم أحد، واحتوى عمرو على ما فيها ورجعوا إلى عمرو.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أنه سمع أبا تميم الجيشانى يقول: غزونا مع عمرو بن العاص غزوة «٦» أطرابلس، فجمعنا المجلس ومعنا فيه هبيب بن مغفل، فذكرنا قضاء دين رمضان فقال هبيب بن مغفل: لا يفرق. وقال عمرو بن العاص: لا بأس أن يفرّق إذا أحصيت «٧» العدد.
ذكر استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطّاب فى غزوة إفريقية
وأراد عمرو أن يوجّه إلى المغرب فكتب إلى عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى: إنّ الله قد فتح علينا أطرابلس، وليس بينها وبين إفريقيّة إلا تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها «٨»