للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبله، فركب والناس معه حتى أتى موضع القيروان اليوم، وكان واديا كثير الشجر كثير القطف، تأوى إليه الوحوش والسباع والهوامّ، ثم نادى بأعلى صوته: يا أهل الوادى، ارتحلوا رحمكم الله. فإنا نازلون؛ نادى بذلك ثلاثة أيام، فلم يبق من السباع شىء ولا الوحوش والهوامّ إلّا خرج، وأمر الناس بالتنقية والخطط، ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن حديج نزله إلى القيروان اليوم، وركز رمحه وقال: هذا قيروانكم.

(* حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن عقبة بن نافع غزا إفريقية، فأتى وادى القيروان، فبات عليه هو وأصحابه حتى إذا أصبح وقف على رأس الوادى، فقال: يا أهل الوادى، اظعنوا، فإنّا نازلون. قال ذلك ثلاث مرّات، فجعلت الحيّات تنساب والعقارب وغيرها مما لا يعرف من الدوابّ، تخرج ذاهبة، وهم قيام ينظرون إليها من حين أصبحوا حتى أوجعتهم الشمس، وحتى لم يروا منها شيئا، فنزلوا الوادى عند ذلك.

قال الليث: فحدثنى زياد بن العجلان، أن أهل إفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة، ولو التمست حيّة أو عقرب بألف دينار ما وجدت*) .

أبو المهاجر. قال: ثم عزل عقبة بن نافع فى سنة إحدى وخمسين «١» ، عزله مسلمة ابن مخلّد الأنصارى، وهو يومئذ والى البلد من قبل معاوية بن أبى سفيان، ومسلمة بن مخلّد أوّل من جمعت له مصر والمغرب.

وكانت ولاية مسلمة بن مخلّد كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، سنة سبع وأربعين، وولّى أبا المهاجر دينارا مولى الأنصار، وأوصاه «٢» حين ولّاه أن يعزل عقبة أحسن العزل، فخالفه أبو المهاجر، فأساء عزله وسجنه، وأوقره حديدا حتى «٣» أتاه الكتاب من الخليفة بتخلية سبيله وإشخاصه إليه، فخرج عقبة حتى أتى قصر الماء، فصلّى، ثم دعا، وقال: اللهمّ لا تمتنى حتى تمكّنّى من أبى المهاجر دينار بن أمّ

<<  <   >  >>