وأهل مصر ينكرون ذلك ويقولون: إن أهل الأندلس ليس هم الذين غرقوا، وإنما هم أهل سردانية، وذلك أن أهل سردانية كما حدثنا سعيد بن عفير لما توجّه إليهم المسلون عمدوا إلى مينا لهم فى البحر، فسدّوه، وأخرجوا منه الماء، ثم قذفوا فيه آنيتهم من الذهب والفضّة، ثم ردّوا عليه الماء بحاله، وعمدوا إلى كنيسة لهم، فجعلوا لها سقفا من دون سقفها، وجعلوا ما كان لهم من مال بين السقفين.
فنزل رجل من المسلمين يغتسل فى ذلك الموضع الذي سكّروه «١» ، ثم أعادوا عليه الماء، فوقعت رجله على شىء فأخرجه، فإذا صحفة من فضّة، ثم غاص أيضا فأخرج شيئا آخر، فلما علم المسلمون بذلك حبسوا عنه الماء، وأخذوا جميع تلك الآنية، ودخل رجل من المسلمين ومعه قوس بندق إلى تلك الكنيسة التى رفعوا بين سقفيها مالهم، فنظر إلى حمام فرماه ببندقه، فأخطأه، وأصاب شبحة خشب، فكسرها، وانهال عليهم المال، فغلّ المسلمون يومئذ غلولا كثيرا. فإن كان الرجل ليأخذ الهرّ فيذبحها ويرمى بما فى جوفها ثم يحشوه مما غلّ، ثم يخيط عليه ويرمى بها إلى الطريق، ليتوهّم من رآها أنها ميتة، فإذا خرج أخذها. وإن كان الرجل ينزع «٢» نصل سيفه فيطرحه ويملأ الجفن غلولا ويضع قائم «٣» السيف على الجفن.
فلما ركبوا السفن وتوجّهوا سمعوا مناديا ينادى، اللهمّ غرّق بهم؛ فتقلّدوا المصاحف فغرقوا جميعا إلا أبو عبد الرحمن «٤» الحبلى، وحنش بن عبد الله السبائىّ، فإنهما لم يكونا نديا من الغلول بشىء.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: سمعت أبا الأسود، قال:
سمعت عمرو بن أوس، يقول: بعثنى موسى بن نصير أفتش أصحاب عطاء بن رافع مولى هذيل حين انكسرت مراكبهم، فكنت ربّما وجدت الإنسان قد خبأ الدنانير «٥» فى خرقة فى شىء بين خصيتيه، قال: فمرّ بى إنسان متّكئا على قصبة، فذهبت أفتشه، فنازعنى، فغضبت، فأخذت القصبة فضربته بها فانكسرت، وانتثرت الدنانير منها، فأخذت أجمعها.