ثم وفد بشر بن صفوان إلى يزيد بهدايا كان أعدّها له، حتى إذا كان ببعض الطريق لقيته وفاة يزيد؛ وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، ليلة الجملة لأربع ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة.
وقدم بشر بتلك الهدايا على هشام بن عبد الملك فردّه على إفريقية، فقدمها، وتتبّع أموال موسى بن نصير، وعذّب عمّاله، وولّى على الأندلس عنبسة بن سحيم الكلبى، وعزل عنها الحرّ بن عبد الرحمن القيسى، وقد كان بشر غزا البحر من إفريقية، فأصابهم الهول، فهلك لذلك من جيشه خلق كثير «١» ، ثم توفّى بشر بن صفوان من مرض يقال له الدبيلة فى شوّال سنة تسع ومائة.
حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: نزع بشر بن صفوان عن «٢» إفريقية فى سنة خمس ومائة، وردّ إليها فى سنة ست ومائة، ومات فى سنة تسع ومائة.
واستخلف بشر بن صفوان حين توفّى على إفريقية نغاش بن قرط الكلبى، فعزله هشام، وولّى عبيدة بن عبد الرحمن القيسى على إفريقية فى صفر سنة عشر ومائة.
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، قال: وولىّ عبيدة بن عبد الرحمن إفريقية فى المحرّم سنة عشر ومائة، فلما قدم عبيدة إفريقية وجّه المستنير ابن الحبحاب الحرشىّ غازيا إلى صقليّة، فأصابتهم ريح فغرقتهم، ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى ساحل أطرابلس، فكتب عبيدة بن عبد الرحمن إلى عامله على أطرابلس يزيد بن مسلم الكندى، يأمره أن يشدّه وثاقا ويبعث معه ثقة، فبعث به «٣» فى وثاق، فلما قدم على عبيدة جلده جلدا «٤» وجيعا وطاف به القيروان على أتان، ثم جعل يضربه فى كل جمعة مرّة حتى أبلغ إليه، وذلك أن المستنير أقام بأرض الروم حتى نزل عليه الشتاء، واشتدّت أمواج البحر وعواصفه، فلم يزل محبوسا عنده.
وكان عبيدة قد ولّى عبد الرحمن بن عبد الله العكّىّ على الأندلس، وكان رجلا صالحا، فغزا عبد الرحمن إفرنجة، وهم أقاصى عدوّ الأندلس فغنم غنائم كثيرة، وظفر