نحيّيه، فقال النجاشى: مرحبا، ما أهديت إلى «١» يا صديقى؟ قال قلت: أيّها الملك، قد أهديت لك «٢» هدايا، قال: ثم قدّمت إليه هداياى «٣» فقبلها، وبهجت «٤» بما قال لى، قال فقلت له: أيها الملك، إنى قد رأيت ببابك رسول محمد وهو لنا عدو، أعطنيه أضرب عنقه؛ فإنه رسول رجل هو لنا عدوّ، قال: فمدّ يده ثم غضب وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره. قال: فوددت لو أنّى انشقّت لى الأرض فدخلت فيها فرقا «٥» منه.
ثم قال: تسألنى رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتى موسى أعطيكه لتقتله «٦» ! قال قلت: أيها الملك، فإن ذاك لكذلك أنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتى موسى؟ قال: نعم، والذي نفس النجاشىّ بيده. ويحك يا عمرو، فأطعنى «٧» واتّبعه، والذي نفسى بيده ليظهرنّ هو ومن اتّبعه على من سواهم على من «٨» خالفهم، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قال قلت: أفتبايعنى له على الإسلام؟ قال: نعم، قال: فبسط يده فبايعنى له، فخرجت على أصحابى وقد حال رأيى عمّا كان عليه معهم.
قال: فانطلقت تهوى بى راحلتى حتى لقيت خالد بن الوليد، قال قلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: أريد والله أن اذهب فأسلم؛ فقد والله استقام الشأن واستبان الميسم. قال فقلت: وأنا والله.
قال: فانطلقنا حتى جئنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فدخلنا عليه المسجد، فتقدّم خالد فبايعه «٩» ، ثم تقدّمت فبايعت؛ فقلت: يا رسول الله، أبايعك على أن يغفر «١٠» لى ما تقدّم من ذنبى، ولم أذكر ما تأخّر، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بايع يا عمرو: فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجبّ ما كان قبلها*) .