وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا وصاح الناس، سبحان الله! ألقى بيده «١» إلى التهلكة فقام أبو أيّوب الأنصارى، فقال: أيّها الناس، إنكم لتأوّلون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنّه لمّا أعزّ الله دينه وكثّر ناصريه، قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سرا من رسول الله: إنّ أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله عزّ وجلّ فى كتابه يردّ علينا ما هممنا به. وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
«٢» فكانت التهلكة أن نقيم فى الأموال ونصلحها. فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيّوب غازيا فى سبيل الله حتى قبضه الله. حدثناه عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد. وعبد الله بن يزيد المقرئ، حدثناه عن حيوة بن شريح.
ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن أبيه، أنه قال: جمعنا وأبا أيّوب الأنصارى مرسى فى البحر، فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبى أيّوب وأهل مركبه، فأتانا أبو أيّوب فقال: دعوتمونى وأنا صائم، فكان علىّ من الحقّ أن أجيبكم، إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:«إنّ للمسلم على أخيه المسلم ستّ خصال واجبة، فمن ترك خصلة منها فقد ترك حقا واجبا لأخيه عليه: إذا دعاه أن يجيبه، وإذا لقيه أن يسلّم عليه، وإذا عطس أن يشمّته، وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يتبع جنازته، وإذا استنصح له أن ينصحه»«٣» قال حدثناه المقرئ.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن حيىّ بن عبد الله المعافرى، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن أبى أيّوب الأنصارى، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من فرق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين الأحبّة يوم القيامة»«٤» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعثمان بن صالح.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى عبد الرحمن، أن أبا أيّوب أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقصعة فيها بصل، فقال:«كلوا وأبى أن يأكله «٥» وقال: إنّى لست