،لأن حاطب بن بلتعة تجسس على المسلمين وأخبر عدوهم بأخبارهم، ولم يكن هذا ناقضا لإيمانه، فقد سماه الله مؤمنا مع ما فعله، فكذلك المستأمن إذا تجسس على المسلمين لم يكن فعله ناقضا لأمانه.١
ويمكن أن يرد عليهم:
بأنه لا دالة لهم في هذا الحديث لأن حاطباً كان مسلما ولم يقصد الإضرار بالمسلمين في تجسسه عليهم كما يفيده ظاهر الحديث، ومع هذا هَمَّ بعض الصحابة بقتله، لكن منعهم الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك لمشاهدته لبدر، وقد عفا الله عنه وقبل توبته.
فلا يتناول هذا الحديث المستأمن بأية حال من الأحوال، والمستأمن الحربي وغيره قصده من التجسس هو الإضرار بالمسلمين لمنفعة أهل داره، على عكس المسلم فتجسسه على المسلمين قد يكون لحاجة ومنفعة خاصة به، فقياسهم المستأمن الحربي على المسلم قياس مع الفارق لأن المسلم معصوم الدم بالإيمان، والمستأمن معصوم الدم بسبب الأمان، وهناك فرق بين الإيمان والأمان.
أما دليلهم من المعقول:
فقالوا إن المسلم إذا تجسس في دار الإسلام على أمور المسلمين وأخبر الأعداء بذلك، لم يكن تجسسه ناقضا لإيمانه فكذلك المستأمن إذا
١ أحكام القرآن للجصاص ٣/٤٣٥، وشرح السير الكبير ١/٣٠٥، والجامع لأحكام القرآن ١٨/٢٥.