لما كان الإسلام دين القوة والعزة، والهيبة والرفعة، فإنه قد أبى على معتنقيه أن يستذلوا للكفار، ويستسلموا لهم، من أجل ذلك منع ديننا الحنيف المسلمين العاجزين عن إظهار دينهم من الإقامة في دار الكفر، وبين أظهر الكفار، لأن إقامة المسلمين في بلد يتسلط عليه ويحكمه الكفار، فيه شعور لهم بالضعف والخذلان.
مع أن ديننا الإسلامي يريد من المسلمين أن يكونوا أهل عزة وقوة وأن يكونوا متبوعين لا تابعين، وأن تكون السلطة والسيطرة وغلبة الأحكام لهم في أي مكان وفي كل زمان، وترتفع رايتهم وتنتكس راية أعدائهم.
لذلك حرم عليهم الإقامة في ديار الكفار التي لا سلطان للإسلام فيها إلا إذا استطاعوا أن يظهروا إسلامهم، ويدعوا غيرهم إليه، ويرغبونهم فيه، ويعملون طبقا لعقيدتهم الإسلامية، دون أن يخشوا الفتنة على أنفسهم أو على دينهم.
فالمسلمون المقيمون في ديار الكفار إذا عجزوا عن إظهار دينهم
١ الهجرة لغة: الترك والمفارقة. انظر: المصباح المنير ٢/٦٣٤، ومعجم لغة الفقهاء ص ٤٩٢، أما في الاصطلاح الشرعي: فهي: الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام. انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/٤٨٤، وفتح الباري ١/١٦، ونيل الأوطار ١/ ١١٦.