كتاب اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية

الفصل الثالث: اختلاف الدار وأثره في الجهاد - المبحث الثاني: أثره في قسمة الغنيمة في دار الكفر الحربية - ج: 2 - ص: 197

ج - مناقشة دليلهم من المعقول:

قولهم بأن الغنيمة تملك بمجرد الاستيلاء عليها في دار الحرب، هذا غير صحيح، لأن الملك لا يتم إلا بالاستيلاء، والاستيلاء التام لا يثبت إلا بإحراز الغنيمة في دار الإسلام، فما دامت في دار الحرب لم يستحكم الملك.١

أما قولهم بأن الدليل على إحرازها بدار الحرب هو أن ملك الكفار قد زال عنها.

فرد عليهم الحنفية بقولهم: قدرة الكفرة على الانتفاع بأموالهم ثابتة لأن الغزاة ماداموا في دار الحرب فالاسترداد ليس بنادر بل هو ظاهر أو محتمل احتمالا على السواء والملك كان ثابتا لهم فلا يزول مع الاحتمال.٢

أجاب الجمهور عن ذلك بقولهم: إن الغنيمة تملك ويتم الاستيلاء عليها بمجرد انتهاء القتال وهزيمة الأعداء، وإذا أحرزت وجمعت في دار الحرب تعجل قسمتها، لأن في ذلك كيدا الأعداء وأطيب لقلوب المجاهدين، وأحفظ للغنيمة، وأرفق بهم في التصرف لبلادهم.

أما الكفار فقد زال ملكهم عنها بمجرد قهرهم وهزيمتهم ولا يستطيعون الانتفاع منها بشيء.٣

---

١ الغرة المنيفة ص ١٧٦، والخراج لأبي يوسف ص ١٧٦، واللباب في شرح الكتاب ٤/١٢٥.
٢ بدائع الصنائع ٧/١٢١.
٣ الخرشي على المختصر خليل ٣/١٣٦، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٣٩، والأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلي ص١٥٠، والمغني ٨/٤٢٢.