للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي القائل بوجوب إقامة الحدود في دار الحرب، ولا تسقط عن مرتكبيها، لا في دار الحرب، ولا في دار الإسلام، كما قال المالكية والشافعية.

ولكن إذا لم تكن هناك قدرة على إقامتها في دار الحرب، أو كانت هناك مصلحة للمحدود، فلا بأس بتأخيرها، كما قال فقهاء الحنابلة.

وقد اخترت هذا الرأي للأسباب التالية:

١- لقوة ما استدلوا به، وهو عموم الآيات والأحاديث السابقة الدالة على وجوب إقامة الحدود في أي مكان من غير فرق بين دار الإسلام ودار الحرب، ولم يرد من النصوص ما يخصص هذا العموم.

٢- لضعف ما استدل به الحنفية، فلم يسلم لهم دليل صحيح، يدل على إسقاط الحدود التي ترتكب جرائمها في دار الحرب، وكذلك ما استدل به الحنابلة - إلا إذا لم يقدر على إقامتها في دار الحرب، أو إذا كانت هناك مصلحة للمحدود - فهذا دليل قوي في التأخير.

٣- ولأن الجريمة شر وفساد في الأرض، وهذا الوصف لاصق بها ولا ينفك عنها أينما كان محل ارتكابها، فجريمة الزنى مثلا، لا يتصور إنفكاكها عن الفساد والشر، سواء ارتكبت في دار الإسلام، أو في دار الحرب، وحيث أن وصف الفعل بالإجرام يبقى قائما، فلا بد أن يترتب عليه أثره، وهو العقاب، وتعذر العقاب المانع لا يسقط العقاب، وإنما ينتظر إمكان استيفائه، كالمدين إذا تعذر استيفاء الدين منه لإفلاسه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>