للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ مَصْدَرُ "فَعَّلَ" وَالْأَلِفُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ فِي التَّفْعِيلِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ.

وَقَدْ غَلِطَ مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ مِنْ أَسَالِيبِ الْفَصَاحَةِ ظَنًّا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَلَيْسَ كذلك بل هو من محاسنها لاسيما إِذَا تَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَذَلِكَ أَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ فِي خِطَابَاتِهَا إِذْ أَبْهَمَتْ بِشَيْءٍ إِرَادَةً لِتَحْقِيقِهِ وَقُرْبَ وُقُوعِهِ أَوْ قَصَدَتِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ كَرَّرَتْهُ تَوْكِيدًا وَكَأَنَّهَا تُقِيمُ تَكْرَارَهُ مَقَامَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أَوْ الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ حَيْثُ تَقْصِدُ الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ وَكَانَتْ مُخَاطَبَاتُهُ جَارِيَةً فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ وَبَعْضٍ وَبِهَذَا الْمَسْلَكِ تَسْتَحْكِمُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي عَجْزِهِمْ عَنِ الْمُعَارَضَةِ وَعَلَى ذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَا وَرَدَ مِنْ تَكْرَارِ الْمَوَاعِظِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ مِنَ الطَّبَائِعِ الْمُخْتَلِفَةِ وَكُلُّهَا دَاعِيَةٌ إِلَى الشَّهَوَاتِ وَلَا يَقْمَعُ ذَلِكَ إِلَّا تَكْرَارُ الْمَوَاعِظِ وَالْقَوَارِعِ قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر} قَالَ فِي "الْكَشَّافِ" أَيْ سَهَّلْنَاهُ لِلِادِّكَارِ وَالِاتِّعَاظِ بِأَنْ نَسَجْنَاهُ بِالْمَوَاعِظِ الشَّافِيَةِ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ.

ثُمَّ تَارَةً يَكُونُ التَّكْرَارُ مَرَّتَيْنِ كَقَوْلِهِ: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قدر} .

وَقَوْلِهِ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} .

وَقَوْلِهِ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} .

وقوله: {كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون} .

<<  <  ج: ص:  >  >>