النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي مَعْرِفَةِ جَدَلِهِ
وَقَدْ أَفْرَدَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالتَّصْنِيفِ الْعَلَّامَةُ نَجْمُ الدِّينِ الطُّوفِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْدِيدِ شَيْءٍ مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ نَطَقَ بِهِ لَكِنْ أَوْرَدَهُ تَعَالَى عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ أَحْكَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِسَبَبِ مَا قاله: {وما وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ليبين لهم} . الْآيَةَ
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَائِلَ إِلَى دَقِيقِ الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُفْهِمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَتَخَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجَلِّ صُورَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَدَقِّ دَقِيقٍ لِتَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جَلِيلِهَا مَا يُقْنِعُهُمْ وَيُلْزِمِهُمُ الْحُجَّةَ وَتَفْهَمُ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُوفَّى على ما أدركه فهم الخطباء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute