إلى قوله: {فينتقم الله منه} إِنَّ الْمُتَعَمِّدَ إِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ لِمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ مِنَ الِانْتِقَامِ الَّذِي لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ.
وَمِنْهَا مَا يُخَصُّ بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لَهُ عَلَى سَائِرِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تظلموا فيهن أنفسكم} فَخَصَّ النَّهْيَ عَنِ الظُّلْمِ فِيهِنَّ وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ تَفْضِيلًا لِهَذِهِ الْأَشْهُرِ وَتَعْظِيمًا لِلْوِزْرِ فِيهَا. وَقَوْلِهِ: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} .
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَصْفُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} الْآيَةَ فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الرَّبِيبَةِ أَنَّهَا تكون في حجر أمها. ونحو: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} إِلَى قَوْلِهِ: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} الْآيَةَ خَصَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةَ بِالِاسْتِئْذَانِ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَبَذُّلُ الْبَدَنِ فِيهِنَّ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَا يُوجِبُ الِاسْتِئْذَانَ فَيَجِبُ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ خفتم ألا يقيما حدود الله} فالافتداء يجوز مع الأمر. وَقَوْلُهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إن خفتم} وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتبا فرهان مقبوضة} فَجَرَى التَّقْيِيدُ بِالسَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ إِنَّمَا يُعْدَمُ غَالِبًا فِيهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الرَّهْنِ إِلَّا فِي السَّفَرِ كَمَا صَارَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute