للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ وُجُوبِ تَوَاتُرِهِ

لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ وَأَمَّا فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ كَذَلِكَ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فَإِنَّ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ حَاصِلٌ أَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ الْعَزِيزِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ وَأَنَّهُ الْهَادِي لِلْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ الْمُعْجِزُ الْبَاقِي عَلَى صَفَحَاتِ الدَّهْرِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمِ فَمُسْتَحِيلٌ أَلَّا يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِذِ الدَّوَاعِي تَتَوَافَرُ عَلَى نَقْلِهِ عَلَى وَجْهِ التَّوَاتُرِ وَكَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} والحفظ إنما يتحقق بالتواتر وقال تعالى: {يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} وَالْبَلَاغُ الْعَامُّ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّوَاتُرِ فَمَا لَمْ يَتَوَاتَرْ مِمَّا نُقِلَ آحَادًا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ

وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ التَّوَاتُرَ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ بِحَسْبِ أَصْلِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ بَلْ يَكْثُرُ فِيهَا نَقْلُ الْآحَادِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صُنْعُ الشَّافِعِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْبَسْمَلَةِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ وَرَدَ بِأَنَّ الدَّلِيلَ السَّابِقَ يَقْتَضِي التَّوَاتُرَ فِي الْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَجَازَ سُقُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>