النوع السادس والثلاثون: مَعْرِفَةِ الْمُحْكَمِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ متشابهات} قِيلَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِي هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزل إليهم وَالْمُتَشَابِهُ لَا يُرْجَى بَيَانُهُ وَالْمُحْكَمُ لَا تُوقَفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الْبَيَانِ
وَقَدْ حَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُحْكَمٌ لقوله تعالى: {كتاب أحكمت آياته} وَالثَّانِي: كُلُّهُ مُتَشَابِهٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أحسن الحديث كتابا متشابها} وَالثَّالِثُ: -وَهُوَ الصَّحِيحُ- أَنَّ مِنْهُ مُحْكَمًا وَمِنْهُ مُتَشَابِهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أم الكتاب}
فَأَمَّا الْمُحْكَمُ فَأَصْلُهُ لُغَةً الْمَنْعُ تَقُولُ أَحْكَمْتُ بِمَعْنَى رَدَدْتُ وَمَنَعْتُ وَالْحَاكِمُ لِمَنْعِهِ الظَّالِمُ مِنَ الظُّلْمِ وَحَكَمَةُ اللِّجَامِ هِيَ الَّتِي تَمْنَعُ الْفَرَسَ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَهُوَ مَا أحكمته بالأمر وَالنَّهْيِ وَبَيَانِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute