للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا:أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأُولَى قَدَّمَ نَفْيَ قَبُولِ الشَّفَاعَةِ عَلَى أَخْذِ الْعَدْلِ وَفِي الثَّانِي قَدَّمَ نَفْيَ قَبُولِ الْعَدْلِ عَلَى الشَّفَاعَةِ

السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ فِي الْأُولَى: {ولا يقبل منها شفاعة} وفي الثانية: {ولا تنفعها شفاعة} فَغَايَرَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ لِمَعْنًى يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ وَالتَّنَقُّلِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى آخَرَ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ؟

وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقُرْآنَ الْحَكِيمَ وَإِنِ اشْتَمَلَ عَلَى النَّقْلِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى آخَرَ لَكِنَّهُ يَشْتَمِلُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى فَائِدَةٍ وَحِكْمَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فصلت من لدن حكيم خبير} وَلَمْ يَقُلْ مِنْ رَحْمَنٍ وَلَا رَحِيمٍ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ كِلَاهُمَا فِي حَقِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُمْ أَبْنَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ وَسَيَشْفَعُ لَنَا آبَاؤُنَا فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا تَنْفَعُهُمُ الشَّفَاعَةُ وَلَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا

وَتَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى نَفْيِ الشَّفَاعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَجَابَ عَنْهَا أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَجْوِبَةٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّهَا

وَذَكَرَ اللَّهُ فِي الْآيَتَيْنِ النَّفْسَ مُتَكَرِّرَةً ثُمَّ أَتَى بِضَمِيرٍ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ إِلَى الْأُولَى أَوْ إِلَى الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ عَوْدَ الضَّمِيرِ إِلَى الْأَقْرَبِ وَلَكِنْ قَدْ يَعُودُ إِلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} فَالضَّمِيرُ فِي التَّعْزِيرِ وَالتَّوْقِيرِ رَاجِعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي التَّسْبِيحِ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ الْأَقْرَبِ

إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ في الأولى {ولا يقبل منها شفاعة} الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>