للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف} فَذَكَرَ رِيحَ الرَّحْمَةِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَفْظِيٌّ وَهُوَ الْمُقَابَلَةُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا يُقَابِلُهَا رِيحَ الْعَذَابِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا مُفْرَدَةً وَرُبَّ شَيْءٍ يَجُوزُ فِي الْمُقَابَلَةِ وَلَا يَجُوزُ استقلالا نحو {ومكروا ومكر الله}

الثَّانِي: مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ أَنَّ تَمَامَ الرَّحْمَةِ هُنَاكَ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِوَحْدَةِ الرِّيحِ لَا بِاخْتِلَافِهَا فَإِنَّ السَّفِينَةَ لَا تَسِيرُ إِلَّا بِرِيحٍ وَاحِدَةٍ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ عَلَيْهَا الرِّيَاحُ وَتَصَادَمَتْ كَانَ سَبَبُ الْهَلَاكِ وَالْغَرَقِ فَالْمَطْلُوبُ هُنَاكَ رِيحٌ وَاحِدَةٌ وَلِهَذَا أَكَّدَ هَذَا الْمَعْنَى فَوَصَفَهَا بِالطَّيِّبِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنْ تَكُونَ عَاصِفَةً بَلْ هِيَ رِيحٌ يُفْرَحُ بِطِيبِهَا

وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} وَهَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي كِتَابِهِ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ قَالَ الرِّيحُ رَحْمَةٌ وَنِعْمَةٌ وَسُكُونُهَا شِدَّةٌ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ

قَالَ: الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَكَذَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ {وَاللَّهُ الذي أرسل الريح} {وهو الذي يرسل الريح} وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي يَنْشُرُ السَّحَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>