للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه وجوه أخر:

أحدهما: أَنَّ الْيَمِينَ مَقْصُودٌ بِهِ الْجَمْعُ أَيْضًا فَإِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِيهِ لِلْجِنْسِ فَقَامَ الْعُمُومُ مَقَامَ الْجَمْعِ قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ فعيل، وهو مخصوص بالمبالغة فسدت مبالغته جَمْعِهِ كَمَا سَدَّ مَسَدَّ الشَّبَهِ قَوْلُهُ {عَنِ اليمين وعن الشمال قعيد} قَالَهُ ابْنُ بَابْشَاذَ

الثَّالِثُ: أَنَّ الظِّلَّ حِينَ يَنْشَأُ أَوَّلَ النَّهَارِ يَكُونُ فِي غَايَةِ الطُّولِ ثُمَّ يَبْدُو كَذَلِكَ ظِلًّا وَاحِدًا مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي النُّقْصَانِ وَإِذَا أَخَذَ فِي جِهَةِ الشِّمَالِ فَإِنَّهُ يَتَزَايَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالثَّانِي فِيهِ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَكُلَّمَا زَادَ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ غَيْرُ مَا كَانَ قَبْلَهُ فَصَارَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ ظِلًّا فَحَسُنَ جَمْعُ الشَّمَائِلِ فِي مُقَابَلَةِ تَعَدُّدِ الظِّلَالِ قَالَهُ الرُّمَّانِيُّ وَغَيْرُهُ

قَالَ: ابْنُ بَابْشَاذَ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا كَانَا مُتَوَجِّهَيْنِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ

الرَّابِعُ: إِنَّ الْيَمِينَ يُجْمَعُ عَلَى أَيْمُنٍ وَأَيْمَانٍ فَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ جَمْعِ الْقِلَّةِ غَالِبًا وَالشِّمَالَ يُجْمَعُ عَلَى شَمَائِلَ وَهُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَالْمَوْطِنُ مَوْطِنُ تَكْثِيرٍ وَمُبَالَغَةٍ فَعَدَلَ عَنْ جَمْعِ الْيَمِينِ إِلَى الْأَلِفِ وَاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى قَصْدِ التَّكْثِيرِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ

وَأَمَّا إِفْرَادُهَا فِي قَوْلِهِ: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشمال} فَلِأَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُ هَذِهِ الْجِهَةِ وَمَصِيرُهُمْ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ جِهَةُ أَهْلِ الشِّمَالِ مُسْتَقَرُّ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهَا مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الشِّمَالِ فَلَا يَحْسُنُ مَجِيئُهَا مَجْمُوعَةً وَأَمَّا إِفْرَادُهُمَا فِي قوله: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} فَإِنَّ لِكُلِّ عَبْدٍ قَعِيدًا وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ شِمَالَهُ يُحْصِيَانِ عَلَيْهِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَلَا مَعْنَى لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَعَالَى ذَاكِرًا عَنْ إِبْلِيسَ: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>