للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وما نحن بمسبوقين} لأنه لما كان هذا القسم سَعَةِ مَشَارِقِ رُبُوبِيَّتِهِ وَإِحَاطَةِ قُدْرَتِهِ وَالْمُقْسَمَ عَلَيْهِ إِذْهَابُ هَؤُلَاءِ وَالْإِتْيَانُ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ ذَكَرَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ لِتَضَمُّنِهَا انْتِقَالَ الشَّمْسِ الَّتِي فِي أَحَدِ آيَاتِهِ الْعَظِيمَةِ وَنَقْلَهُ سُبْحَانَهُ لَهَا وَتَصْرِيفَهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي مَشْرِقٍ وَمَغْرِبٍ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا كَيْفَ يُعْجِزُهُ أَنْ يُبَدِّلَ هَؤُلَاءِ وَيَنْقُلَ إِلَى أَمْكِنَتِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ

وَأَيْضًا فَإِنَّ تَأْثِيرَ مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَمَغَارِبِهَا فِي اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ أَمْرٌ مَشْهُودٌ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ بِحِكْمَتِهِ سَبَبًا لِتَبَدُّلِ أَجْسَامِ النَّبَاتِ وَأَحْوَالِ الْحَيَوَانَاتِ وَانْتِقَالِهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَمِنْ بَرْدٍ إِلَى حَرٍّ وَصَيْفٍ وَشِتَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا فَكَيْفَ لَا يَقْدِرُ مَعَ مَا يَشْهَدُونَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى تَبْدِيلِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ وَأَكَّدَ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ {وَمَا نَحْنُ بمسبوقين} فَلَا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ سِوَى لَفْظِ الْجَمْعِ

وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ فِي قَوْلِهِ {ورب المشارق} لَمَّا جَاءَتْ مَعَ جُمْلَةِ الْمَرْبُوبَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَهِيَ السموات وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَكَانَ الْأَحْسَنُ مَجِيئَهَا مَجْمُوعَةً لِتَنْتَظِمَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّعَدُّدِ

ثُمَّ تَأَمَّلْ كَيْفَ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَشَارِقِ دُونَ الْمَغَارِبِ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَشَارِقَ مَظْهَرُ الْأَنْوَارِ وَأَسْبَابٌ لِانْتِشَارِ الْحَيَوَانِ وَحَيَاتِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي مَعَاشِهِ وَانْبِسَاطِهِ فَهُوَ إِنْشَاءُ شُهُودٍ فَقَدَّمَهُ بَيْنَ يدي..... عَلَى مَبْدَأِ الْبَعْثِ فَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ المشارق

<<  <  ج: ص:  >  >>