للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَعَرَ

وَمِنْهُ شَعَرَ بِمَعْنَى عَلِمَ وَمَصْدَرُهُ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ الشِّينِ كَالْفِطْنَةِ وَقَالُوا لَيْتَ شِعْرِي فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الْإِضَافَةِ لِلْكَثْرَةِ قَالَ الْفَارِسِيُّ وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشِّعَارِ وَهُوَ مَا يَلِي الْجَسَدَ فَكَأَنَّ شَعَرْتُ بِهِ عَلِمْتُهُ عِلْمَ حِسٍّ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعِلْمِ وَلِهَذَا لَمْ يُوصَفْ بِهِ اللَّهُ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْكُفَّارِ: {وَهُمْ لا يشعرون} أَبْلَغُ فِي الذَّمِّ لِلْبُعْدِ عَنِ الْفَهْمِ مِنْ وَصْفِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَإِنَّ الْبَهِيمَةَ قَدْ تَشْعُرُ بِحَيْثُ كَانَتْ تُحِسُّ فَكَأَنَّهُمْ وُصِفُوا بِنِهَايَةِ الذَّهَابِ عَنِ الْفَهْمِ

وَعَلَى هَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أموات بل أحياء} إلى قوله {ولكن لا تشعرون} وَلَمْ يَقُلْ لَا تَعْلَمُونَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عَلِمُوا أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُمُ الْعِلْمَ وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ {لَا تَشْعُرُونَ} لِأَنَّهُ ليس كل ما علموه يشعرون به كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا عَلِمُوهُ يُحِسُّونَهُ بِحَوَاسِّهِمْ فَلَمَّا كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ بِحَوَاسِّهِمْ حَيَاتَهُمْ وأنهم علموها بإخبار الله وَجَبَ أَنْ يُقَالَ {لَا تَشْعُرُونَ} دُونَ لَا تَعْلَمُونَ

عَسَى وَلَعَلَّ

مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبَتَانِ وَإِنْ كَانَتَا رَجَاءً وَطَمَعًا فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ لأن الخلق هم الذين يعرض لَهَمُ الشُّكُوكُ وَالظُّنُونُ وَالْبَارِئُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ

وَالْوَجْهُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُمْكِنَةَ لِمَا كَانَ الْخَلْقُ يَشُكُّونَ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>