للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما لم يصح في اعتقادهم هَذَا بَعِيدٌ جَازَ الْإِخْبَارُ بِـ" بُعْدِ" نَفْعِ الْوَثَنِ وَالشَّاهِدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ

{أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد}

السَّابِعَةُ: أَفْعَلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

مُضَافٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}

وَمُعَرَّفٍ بِاللَّامِ، نَحْوُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {ليخرجن الأعز منها الأذل}

وَخَالٍ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُ اتِّصَالُهُ بِـ" مِنْ" الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ جَارَّةً لِلْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أنا أكثر منك مالا}

وَقَدْ يُسْتَغْنَى بِتَقْدِيرِهَا عَنْ ذِكْرِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وأعز نفرا}

وَيَكْثُرُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ خَبَرًا كقوله: {والآخرة خير وأبقى}

وَحَيْثُ أُضِيفَ إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى جَمْعٍ مُعَرَّفٍ نَحْوُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَلَا يَجُوزُ زَيْدٌ أَفْضَلُ رَجُلٍ وَلَا أَفْضَلُ رِجَالٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ لَا بُدَّ أَنْ يكون جماعة يُفَضِّلُهَا وَإِنَّمَا الْفَائِدَةُ فِي أَنْ تَقُولَ أَفْضَلُ الرِّجَالِ

فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سافلين} فَجَوَابُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إِلَيْهِ تَقْدِيرًا بَلِ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَقَامَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ وَكَأَنَّهُ قال أسفل قوم سافلين ولا خلاف أَنَّهُ يُضَافُ إِلَى اسْمِ الْجَمْعِ مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا نحو أفضل الناس والقوم وأفضل ناس أفضل قَوْمٍ

فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَجَازُوا تَنْكِيرَ هَذَا ولم يجيزوا ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>