للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّونِ

لِلتَّأْكِيدِ وَهِيَ إِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً كَانَتْ بمنزلة تأكيد الفعل مرتين أو شديدة فمنزلة تَأْكِيدِهِ ثَلَاثًا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا من الصاغرين} ، مِنْ حَيْثُ أَكَّدَتِ السِّجْنَ بِالشِّدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهُ إِعْظَامًا.

وَلَمْ يَقَعِ التَّأْكِيدُ بِالْخَفِيفَةِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: هَذَا وَقَوْلِهِ: {لَنَسْفَعًا بالناصية}

وَفِي الْقَوَاعِدِ أَنَّهَا إِذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلِ الجماعة الذكور كان ما قبلها مضمونا نَحْوُ يَا رِجَالُ اضْرِبُنَّ زَيْدًا وَمِنْهُ وَقَوْلِهِ تعالى: {لتؤمنن به ولتنصرنه} .

فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} .

فَإِنَّمَا جَاءَ قَبْلَهَا مَفْتُوحًا لِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ وَلَا تَلْحَقُهُ وَاوُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ إِذَا أَخْبَرُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ قَالُوا نَحْنُ نَقُومُ لِيَكُونَ فِعْلُهُمْ كَفِعْلِ الْوَاحِدِ وَالرَّجُلُ الرَّئِيسُ إِذَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ كَقَوْلِهِمْ فَلَمَّا دَخَلَتِ النُّونُ هَذَا الفعل مرة أخرى بني آخره معها عَلَى الْفَتْحِ لَمَّا كَانَ لَا يَلْحَقُهُ وَاوُ الْجَمْعِ وَإِنَّمَا يَضُمُّونَ مَا قَبْلَ النُّونِ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ لِلْجَمَاعَةِ وَيَلْحَقُهَا وَاوُ الْجَمْعِ الَّتِي هِيَ ضَمِيرُهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ وَاوَ الْجَمْعِ يَكُونُ مَا قَبْلَهَا مَضْمُومًا نَحْوَ قَوْلِكَ يَضْرِبُونَ فَإِذَا دَخَلَتِ النُّونُ حُذِفَتْ نُونُ الْإِعْرَابِ لِدُخُولِهَا وَحُذِفَ الْوَاوُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ النُّونِ وَبَقِيَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ مَضْمُومًا لِيَدُلَّ عَلَيْهِ.

وَمِثْلُهُ: {لَنَكُونَنَّ من الخاسرين}

فَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ مَفْتُوحًا لَمْ يُحْذَفْهَا وَلَكِنَّهَا تُحَرِّكُهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ نَحْوَ اخْشَوُنَّ زيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>