للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَسْتَقْصِي مَعَانِيَهُ فَهْمُ الْخَلْقِ وَلَا يُحِيطُ بِوَصْفِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ذُو اللِّسَانِ الطَّلْقِ فَالسَّعِيدُ مَنْ صَرَفَ هِمَّتَهُ إِلَيْهِ وَوَقَفَ فِكْرَهُ وَعَزْمَهُ عَلَيْهِ وَالْمُوَفَّقُ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِتَدَبُّرِهِ وَاصْطَفَاهُ لِلتَّذْكِيرِ بِهِ وَتَذَكُّرِهِ فَهُوَ يَرْتَعُ مِنْهُ فِي رِيَاضٍ وَيَكْرَعُ مِنْهُ فِي حِيَاضٍ

أَنْدَى عَلَى الْأَكْبَادِ مِنْ قَطْرِ النَّدَى ... وَأَلَذُّ فِي الْأَجْفَانِ مِنْ سِنَةِ الْكَرَى

يَمْلَأُ الْقُلُوبَ بِشْرًا وَيَبْعَثُ الْقَرَائِحَ عَبِيرًا وَنَشْرًا يُحْيِي الْقُلُوبَ بِأَوْرَادِهِ وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ رُوحًا فَقَالَ: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ] غَافِرٍ: من الآية١٥ [فَسَمَّاهُ رُوحًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى حَيَاةِ الْأَبَدِ وَلَوْلَا الرُّوحُ لَمَاتَ الْجَسَدُ فَجَعَلَ هَذَا الرُّوحَ سببا للاقتدار وعلما للاعتبار

يَزِيدُ عَلَى طُولِ التَّأَمُّلِ بَهْجَةً ... كَأَنَّ الْعُيُونَ النَّاظِرَاتِ صَيَاقِلُ

وَإِنَّمَا يَفْهَمُ بَعْضَ مَعَانِيهِ وَيَطَّلِعُ عَلَى أَسْرَارِهِ وَمَبَانِيهِ مَنْ قَوِيَ نَظَرُهُ وَاتَّسَعَ مجاله في الفكر وتدبره وامتد باعه ووقت طباعه وامتد في فنون الأدب وأحتط بِلُغَةِ الْعَرَبِ.

قَالَ الْحَرَالِّيُّ فِي جُزْءٍ سَمَّاهُ مفتاح الباب المقفل لفهم الكتاب الْمُنَزَلِ: لِلَّهِ تَعَالَى مَوَاهِبُ جَعَلَهَا أُصُولًا لِلْمَكَاسِبِ فَمَنْ وَهَبَهُ عَقْلًا يَسَّرَ عَلَيْهِ السَّبِيلَ وَمَنْ رَكَّبَ فِيهِ خُرْقًا نَقَصَ ضَبْطُهُ مِنَ التَّحْصِيلِ وَمَنْ أَيَّدَهُ بِتَقْوَى الِاسْتِنَادِ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>