وَكُلُّ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ مُنْتَزَعٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ بُرْهَانٌ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ وَقَالَ: أَرَادَ بِهِ أُصُولَ الْعِلْمِ.
وَقَدْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عُلَمَاءَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَخْصُوصٌ بِنَوْعٍ مِنَ الْعِلْمِ كَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَضَاءِ وَزَيْدٍ بِالْفَرَائِضِ وَمُعَاذٍ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَأُبَيٍّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَحْرًا إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِاخْتِصَاصِهِ دُونَهُمْ بِالتَّفْسِيرِ وَعِلْمِ التَّأْوِيلِ وَقَالَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى الْغَيْبِ مِنْ سِتْرٍ رَقِيقٍ. وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: نِعْمَ تَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَعُمِّرَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا ظَنُّكَ بِمَا كَسَبَهُ مِنَ الْعُلُومِ بَعْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ نَعَمْ كَانَ لِعَلِيٍّ فِيهِ الْيَدُ السَّابِقَةُ قَبْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْقَائِلُ: لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُمْلِيَ وِقْرَ بَعِيرٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَفَعَلْتُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَأَمَّا صَدْرُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُؤَيَّدُ فِيهِمْ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَيَتْلُوهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ تَجَرَّدَ لِلْأَمْرِ وَكَمَّلَهُ وَتَتَبَّعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ كَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَ جِلَّةٌ مِنَ السَّلَفِ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا يُعَظِّمُونَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَيَتَوَقَّفُونَ عَنْهُ تَوَرُّعًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنْفُسِهِمْ مَعَ إِدْرَاكِهِمْ وَتَقَدُّمِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute