كَمَا وَرَدَ ذِكْرُ النِّسَاءِ فِي سُوَرٍ إِلَّا أَنَّ مَا تَكَرَّرَ وَبُسِطَ مِنْ أَحْكَامِهِنَّ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَكَذَا سُورَةُ الْمَائِدَةِ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُ الْمَائِدَةِ فِي غَيْرِهَا فَسُمِّيَتْ بِمَا يَخُصُّهَا
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَرَدَ فِي سُورَةِ هُودٍ ذِكْرُ نُوحٍ وَصَالِحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَمُوسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَلِمَ تَخْتَصُّ بَاسْمِ هُودٍ وَحْدَهُ وَمَا وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِهِ وَقِصَّةُ نُوحٍ فِيهَا أَطْوَلُ وَأَوْعَبُ قِيلَ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَصَصُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَسُورَةِ هُودٍ والشعراء بِأَوْعَبَ مِمَّا وَرَدَتْ فِي غَيْرِهَا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثِ اسْمُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَكَرُّرِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ تَكَرَّرَ فِيهَا عِنْدَ ذِكْرِ قِصَّتِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَالتَّكْرَارُ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا
وَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَكَرَّرَ اسْمُ نُوحٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ فِيهَا وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ تَكْرَارِ اسْمِ هُودٍ قِيلَ لَمَّا جُرِّدَتْ لِذِكْرِ نُوحٍ وَقِصَّتِهِ مَعَ قَوْمِهِ سُورَةٌ بِرَأْسِهَا فَلَمْ يَقَعْ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَانَتْ أَوْلَى بِأَنْ تُسَمَّى بِاسْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ سُورَةٍ تَضَمَّنَتْ قِصَّتَهُ وَقِصَّةَ غَيْرِهِ وَإِنْ تكرر اسمه فيها أما هُودٍ فَكَانَتْ أَوْلَى السُّوَرِ بِأَنْ تُسَمَّى بِاسْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَسْمِيَةَ سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ يَجْرِي فِيهَا مِنْ رَعْيِ التَّسْمِيَةِ مَا ذَكَرْنَا وَانْظُرْ سُورَةَ ق لِمَا تَكَرَّرَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْكَلِمَاتِ بِلَفْظِ الْقَافِ وَمِنْ ذَلِكَ السُّوَرُ الْمُفْتَتَحَةُ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ وَوَجْهُ اخْتِصَاصِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا وَلِيَتْهُ حَتَّى لَمْ تَكُنْ لِتَرِدَ {الم} فِي مَوْضِعِ {الر} وَلَا {حم} فِي موضع {طس} لاسيما إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا أَعْلَامٌ لَهَا وَأَسْمَاءٌ عَلَيْهَا
وَكَذَا وَقَعَ فِي كُلِّ سُورَةٍ مِنْهَا مَا كَثُرَ تَرْدَادُهُ فِيمَا يَتَرَكَّبُ مِنْ كَلِمِهَا وَيُوَضِّحُهُ أَنَّكَ إِذَا نَاظَرْتَ سُورَةً مِنْهَا بِمَا يُمَاثِلُهَا فِي عَدَدِ كَلِمَاتِهَا وَحُرُوفِهَا وَجَدْتَ الْحُرُوفَ الْمُفْتَتَحَ بِهَا تِلْكَ السُّورَةُ إِفْرَادًا وَتَرْكِيبًا أَكْثَرَ عَدَدًا فِي كَلِمَاتِهَا مِنْهَا فِي نَظِيرَتِهَا وَمُمَاثِلَتِهَا فِي عَدَدِ كَلِمِهَا وَحُرُوفِهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بِسُورَةٍ مِنْهَا مَا يُمَاثِلُهَا فِي عَدَدِ كَلِمِهَا فَفِي اطِّرَادِ ذَلِكَ فِي الْمُمَاثَلَاتِ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute