الرَّابِعُ: تُجَنُّبُ الْأَعَارِيبِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْمُنَافِيَةُ لِنَظْمِ الْكَلَامِ كَتَجْوِيزِ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي {لِلْفُقَرَاءِ} في سورة الحشر أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: {وَلِذِي الْقُرْبَى} وَهَذَا فَصْلٌ كَبِيرٌ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَرِيبُ بِقَرَابَتِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ فَقِيرًا وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُهُ وَنَظِيرُهُ إعراب بعضهم {الذين ظلموا. . . . .} بَدَلًا مِنَ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اقْتَرَبَ للناس حسابهم}
الْخَامِسُ: تَجَنُّبُ التَّقَادِيرِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَجَازَاتِ الْمُعَقَّدَةِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يُجَوِّزُهُ النُّحَاةُ فِي شعر امرئ القيس وغيره وأن نقول في نحو: {اغفر لنا} و: {اهدنا} فعلي دعاء أو سؤال ولا نقول فِعْلَيْ أَمْرٍ تَأَدُّبًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَمْرَ يَسْتَلْزِمُ الْعُلُوَّ وَالِاسْتِعْلَاءَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيدِيُّ فِي الْبَصَائِرِ سَأَلْتُ السِّيرَافِيَّ عن قوله تعالى: {قائما بالقسط} بِمَ انْتَصَبَ قَالَ بِالْحَالِ قُلْتُ لِمَنِ الْحَالُ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى قُلْتُ فَيُقَالُ لِلَّهِ حَالٌ قَالَ إِنَّ الْحَالَ فِي اللَّفْظِ لَا لِمَنْ يُلْفَظُ بِالْحَالِ عَنْهُ وَلَكِنَّ التَّرْجَمَةَ لَا تَسْتَوْفِي حَقِيقَةَ الْمَعْنَى فِي النَّفْسِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَصُوغَ الْوَهْمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ صِيَاغَةً تَسْكُنُ إِلَيْهَا النَّفْسُ وَيَنْتَفِعُ بِهَا الْقَلْبُ ثُمَّ تَكُونُ حَقَائِقُ الْأَلْفَاظِ فِي مُفَادِهَا غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَلَا مَنْقُوضَةٍ بِاعْتِقَادٍ وَكَمَا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى بُعْدٍ مِنَ اللَّفْظِ كَذَلِكَ الْحَقِيقَةُ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْوَهْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute