للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنْهَا تَحْقِيقُ الْعَقَائِدِ الْإِلَهِيَّةِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} بَعْدَ ذِكْرِهِ النُّطْفَةَ وَمُتَعَلَّقَهَا فِي مَرَاتِبِ الْوُجُودِ وَكَقَوْلِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} فَمَنْ يَقْرَعُ سَمْعَهُ هَذَا الْكَلَامُ الْمُعْجِزُ اسْتَشْعَرَ مِنْ رَوْعَةِ النَّفْسِ وَاقْشِعْرَارِ الْجِلْدِ مَا يُمَكِّنُ خشية الله وعظمته من قبله

وَمِنْهَا بَيَانُ الْحَقِّ فِيمَا يُشْكِلُ مِنَ الْأُمُورِ غَيْرِ الْعَقَائِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجنح لها وتوكل على الله} وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ" فَانْظُرْ كَيْفَ أَعْطَى فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ الْيَسِيرَةِ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ احْتِلَامَ الْمَرْأَةِ فَلَا أَبْيَنَ مِنْ هَذَا الْبَيَانِ وَلَا أَشْفَى لِلْمُرْتَابِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَرَى إِحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ عِيَانًا وَهُوَ شِبْهُ الْوَلَدِ بِأُمِّهِ وَيَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُحَالُ الشَّبَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ الَّذِي أَنْكَرَ

وَمِنْهَا تَمْكِينُ الِانْفِعَالَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ مِنَ النُّفُوسِ مِثْلَ الِاسْتِعْطَافِ وَالْإِعْرَاضِ وَالْإِرْضَاءِ وَالْإِغْضَابِ وَالتَّشْجِيعِ وَالتَّخْوِيفِ وَيَكُونُ فِي مَدْحٍ وَذَمٍّ وَشِكَايَةٍ وَاعْتِذَارٍ وَإِذْنٍ وَمَنْعٍ وَيَنْضَمُّ إِلَى قُوَّةِ الْقَوْلِ الْبَلَاغِيِّ مَعْنًى مُتَّصِلٌ إِعَانَةً لَهَا مِثْلَ فَضِيلَةِ الْقَائِلِ وَحَمِيَّةِ النَّازِعِ وَقُوَّةِ الْبَلِيغِ عَلَى إِطْرَاءِ نَفْسِهِ وَتَحْسِينِ رَأْيِهِ

وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِدْعَاءُ الْمُخَاطَبِ إِلَى فَضْلِ تَأَمُّلٍ وَزِيَادَةِ تَفَهُّمٍ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وفرادى ثم تتفكروا} وكذلك قوله: {وما يعقلها إلا العالمون} وَسِرُّ هَذَا أَنَّ السَّامِعَ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُثْنَى عَلَيْهِمْ فَيُسَارِعُ إِلَى التَّصْدِيقِ وَيُلْقَى فِي نَفْسِهِ نُورٌ مِنَ التَّوْفِيقِ

وَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ الْبَلَاغِيُّ مَا يُسَمَّى الضَّمِيرَ وَيُسَمَّى التَّمْثِيلَ وَأَعْنِي بِالضَّمِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>