للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ كَمَا اضْمَحَلَّ هَذَا الزَّبَدُ فَصَارَ جُفَاءً لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَكَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَشَرِبَ النَّاسُ وَاسْتَقَوْا وَزَرَعُوا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً وَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ فَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ"

وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ مَثَلَيْنِ مَثَلًا بِالنَّارِ وَمَثَلًا بِالْمَطَرِ فَقَالَ: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي استوقد نارا} الْآيَةَ يُقَالُ أَضَاءَ الشَّيْءُ وَأَضَاءَهُ غَيْرُهُ فَيُسْتَعْمَلُ لازما متعديا فقوله: {أضاءت ما حوله} هُوَ مُتَعَدٍّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ تُضِيءَ النَّارُ مَا حَوْلَ مَنْ يُرِيدُهَا حَتَّى يَرَاهَا وَفِي قوله في البرق: {كلما أضاء لهم} ذِكْرُ اللَّازِمِ لِأَنَّ الْبَرْقَ بِنَفْسِهِ يُضِيءُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا أَضَاءَ الْبَرْقُ سَارَ وَقَدْ لَا يُضِيءُ مَا حَوْلَ الْإِنْسَانِ إِذْ يَكُونُ الْبَرْقُ وَصَلَ إِلَى مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الْمُنَافِقِينَ كَالَّذِي أَوْقَدَ نَارًا فَأَضَاءَتْ ثُمَّ ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَلَمْ يَقُلِ انْطَفَأَتْ بَلْ قَالَ ذهب الله بنورهم وَقَدْ يَبْقَى مَعَ ذَهَابِ النُّورِ حَرَارَتُهَا فَتَضُرُّ وَهَذَا الْمَثَلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنَافِقَ حَصَلَ لَهُ نور ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>