للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ" وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ فِي الْبَيْضَةِ وَتَأْوِيلُ مَنْ أَوَّلَهُ بِبَيْضَةِ الْحَرْبِ تَأْبَاهُ الْفَصَاحَةُ

الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: "لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ إِلَخْ" أَنَّ كِتَابَتَهَا جَائِزَةٌ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ قَوْلُ النَّاسِ وَالْجَائِزُ فِي نَفْسِهِ قَدْ يَقُومُ مِنْ خَارِجِ مَا يَمْنَعُهُ وَإِذَا كَانَتْ جَائِزَةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْمَكْتُوبِ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَتِ التِّلَاوَةُ بَاقِيَةً لَبَادَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَقَالِ النَّاسِ لِأَنَّ مَقَالَ النَّاسِ لَا يَصْلُحُ مَانِعًا

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مُشْكَلَةٌ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ بِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ وَمِنْ هُنَا أَنْكَرَ ابْنُ ظَفَرَ فِي "الْيَنْبُوعِ" عَدَّ هَذَا مِمَّا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ قَالَ: لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُثْبِتُ الْقُرْآنَ. قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ الْمُنْسَأِ لَا النَّسْخِ، وهما مما يَلْتَبِسَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْمُنْسَأَ لَفْظُهُ قَدْ يعلم حكمه ويثبت أيضا وكذا قاله في غيره الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ كَإِيجَابِ التَّتَابُعِ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَحْوِهِ أَنَّهَا كَانَتْ قُرْآنًا فَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا لَكِنْ فِي الْعَمَلِ بِهَا الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ

وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ مُسْتَفِيضًا عِنْدَهُمْ وَأَنَّهُ كَانَ مَتْلُوًّا مِنَ الْقُرْآنِ فَأَثْبَتْنَا الْحُكْمَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَتِلَاوَتُهُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ بِالِاسْتِفَاضَةِ

وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّي أَحْفَظُ مِنْهَا "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>