للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الصَّلْصَالَ غَيْرُ الْحَمَأِ وَالْحَمَأَ غَيْرُ التُّرَابِ إِلَّا أَنَّ مَرْجِعَهَا كُلِّهَا إِلَى جَوْهَرٍ وَهُوَ التُّرَابُ وَمِنَ التُّرَابِ تَدَرَّجَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ

وَمِنْهُ قوله تعالى: {فإذا هي ثعبان مبين} وفي موضع {تهتز كأنها جان} وَالْجَانُّ: الصَّغِيرُ مِنَ الْحَيَّاتِ وَالثُّعْبَانُ الْكَبِيرُ مِنْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ خَلْقَهَا خَلْقُ الثُّعْبَانِ الْعَظِيمِ وَاهْتِزَازَهَا وَحَرَكَاتِهَا وَخِفَّتَهَا كَاهْتِزَازِ الْجَانِّ وَخِفَّتِهِ

السَّبَبُ الثَّانِي: لاختلاف الموضوع كقوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} وَقَوْلِهِ: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} مَعَ قَوْلِهِ: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جان} قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَتُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى السُّؤَالِ عَنِ التَّوْحِيدِ وَتَصْدِيقِ الرُّسُلِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُ الْإِقْرَارَ بِالنُّبُوَّاتِ مِنْ شَرَائِعِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ حمله غَيْرُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ لِأَنَّ فِي الْقِيَامَةِ مَوَاقِفَ كَثِيرَةً فَمَوْضِعٌ يُسْأَلُ وَيُنَاقَشُ وَمَوْضِعٌ آخَرُ يُرْحَمُ وَيُلْطَفُ بِهِ وَمَوْضِعٌ آخَرُ يُعَنَّفُ وَيُوَبَّخُ وَهُمُ الْكُفَّارُ وَمَوْضِعٌ آخَرُ لَا يُعَنَّفُ وَهُمُ المؤمنون

وقوله: {ولا يكلمهم الله} مَعَ قَوْلِهِ: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعملون} وَقِيلَ: الْمَنْفِيُّ كَلَامُ التَّلَطُّفِ وَالْإِكْرَامِ وَالْمُثْبَتُ سُؤَالُ التَّوْبِيخِ وَالْإِهَانَةِ فَلَا تَنَافِيَ

وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سيئة سيئة مثلها} مع قوله: {يضاعف لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>