للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواع ارتباط الآي بعضها ببعض

عُدْنَا إِلَى ذِكْرِ ارْتِبَاطِ الْآيِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فَنَقُولُ ذِكْرُ الْآيَةِ بَعْدَ الْأُخْرَى إِمَّا أَنْ يَظْهَرَ الِارْتِبَاطُ بَيْنَهُمَا لِتَعَلُّقِ الْكَلَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَعَدَمِ تَمَامِهِ بِالْأُولَى فَوَاضِحٌ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى عَلَى جِهَةِ التَّأْكِيدِ وَالتَّفْسِيرِ أَوِ الِاعْتِرَاضِ وَالتَّشْدِيدِ وَهَذَا الْقِسْمُ لَا كَلَامَ فِيهِ

وَإِمَّا أَلَّا يَظْهَرَ الِارْتِبَاطُ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٌ عَنِ الْأُخْرَى وَأَنَّهَا خِلَافُ النَّوْعِ الْمَبْدُوءِ بِهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى مَا قَبْلَهَا بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ المشترك في الحكم أولا:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا جِهَةٌ جَامِعَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ تَقْسِيمُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} وقوله {والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون} وَفَائِدَةُ الْعَطْفِ جَعْلُهُمَا كَالنَّظِيرَيْنِ وَالشَّرِيكَيْنِ

وَقَدْ تَكُونُ الْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا الْمُضَادَّةَ وَهَذَا كَمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الرَّحْمَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَذَابِ وَالرَّغْبَةِ بَعْدَ الرَّهْبَةِ وَعَادَةُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِذَا ذَكَرَ أَحْكَامًا ذَكَرَ بَعْدَهَا وَعْدًا وَوَعِيدًا لِيَكُونَ ذَلِكَ بَاعِثًا عَلَى الْعَمَلِ بما سبق ثم يذكر آيات التوحيد والتنزيه لِيُعْلَمَ عِظَمُ الْآمِرِ وَالنَّاهِي

وَتَأَمَّلْ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَغَيْرَهَا تَجِدْهُ كَذَلِكَ

وَقَدْ تَأْتِي الجملة معطوفة على ما قبلها ويشكل وَجْهَ الِارْتِبَاطِ فَتَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ وَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا يَلْتَحِقُ بِهَا مَا هُوَ فِي معناها:

فمنها قوله تعالى يسألونك {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظهورها} الْآيَةَ

فَقَدْ يُقَالُ أَيُّ رَابِطٍ بَيْنَ أَحْكَامِ الأهلة وبين حكم إِتْيَانِ الْبُيُوتِ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>