للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ شَيْءٌ يَتَقَارَبُ فِيهِ بَيْنَ اللَّمَّتَيْنِ لَمَّةُ الْمَلَكِ وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ لَعَنَهُ اللَّهُ وَمُحْكَمُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الْآيَةَ وَلِهَذَا قَالَ عَقِبَهُ: {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أَيْ عِنْدَمَا يَلْقَى الْعَدُوَّ الَّذِي لَا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ بَلْ بِالشَّرِّ وَالْإِلْبَاسِ

وَمِنْهُ الْآيَاتُ الَّتِي اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ تَحْتَمِلُهَا الْآيَةُ وَلَا يُقْطَعُ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْوَالِ وَأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ مِنْهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا مُفَصَّلًا بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِهِ

الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ الآية مِنْ حَيْثُ تَرَدُّدُ الْوَقْفِ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى {إِلَّا اللَّهُ} وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} وَتَرَدُّدُ الْوَاوِ فِي {وَالرَّاسِخُونَ} بَيْنَ الِاسْتِئْنَافِ وَالْعَطْفِ وَمِنْ ثَمَّ ثَارَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ

فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا لِلِاسْتِئْنَافِ وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى والراسخون {إِلَّا اللَّهُ} وَأَنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَ مِنْ كِتَابِهِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَهُوَ الْمُتَشَابِهُ كَمَا تَعَبَّدَهُمْ مِنْ دِينِهِ بِمَا لَا يَعْقِلُونَ وَهُوَ التَّعَبُّدَاتُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ حَالًا فَضْلَةً وَخَبَرًا عُمْدَةً وَالثَّانِي أَوْلَى.

وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا لِلْعَطْفِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفِ الْخَلْقَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَضَعَّفَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا لِيَنْتَفِعَ بِهِ عِبَادُهُ وَيَدُلَّ بِهِ عَلَى مَعْنًى أَرَادَهُ فَلَوْ كَانَ الْمُتَشَابِهُ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُ اللَّهِ لَلَزِمَنَا وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>