قَالَ الْأُسْتَاذُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَالْأَشْعَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعَانِي إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {اسْتَوَى} أَقْبَلَ عَلَى خَلْقِ الْعَرْشِ وَعَمَدَ إِلَى خَلْقِهِ فَسَمَّاهُ اسْتِوَاءً كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السماء وهي دخان} أَيْ قَصَدَ وَعَمَدَ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ فَكَذَا هَاهُنَا قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ مَرَضِيٌّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ فِيهِ تَعْطِيلٌ وَلَا تَشْبِيهٌ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: عَلَى هُنَا بِمَعْنَى فِي كَمَا قَالَ تَعَالَى: {على ملك سليمان} وَمَعْنَاهُ أَحْدَثَ اللَّهُ فِي الْعَرْشِ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتِوَاءً كَمَا فَعَلَ فِعْلًا سَمَّاهُ فَضْلًا وَنِعْمَةً قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ونعمة} فَسَمَّى التَّحْبِيبَ وَالتَّكْرِيهَ فَضْلًا وَنِعْمَةً وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فأتى الله بنيانهم من القواعد} أَيْ فَخَرَّبَ اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ وَقَالَ: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ من حيث لم يحتسبوا} أي قصدهم وكما أن التخريب والتعذيب سماهما إِتْيَانًا فَكَذَلِكَ أَحْدَثَ فِعْلًا بِالْعَرْشِ سَمَّاهُ اسْتِوَاءً قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِسَلَامَتِهِ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ وَلِلْعَرْشِ خُصُوصِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ وَأَعْظَمُ وَالْمَلَائِكَةُ حَافُّونَ بِهِ وَدَرَجَةُ الْوَسِيلَةِ مُتَّصِلَةٌ بِهِ وَأَنَّهُ سَقْفُ الْجَنَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute