الْكِتَابَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِهِ وَأَنَّهُ كَافٍ فِي الدَّلَالَةِ قَائِمٌ مَقَامَ مُعْجِزَاتِ غَيْرِهِ وَآيَاتِ سِوَاهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَمَّا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عيه وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وَكَانُوا أَفْصَحَ الْفُصَحَاءِ وَمَصَاقِعَ الْخُطَبَاءِ تَحَدَّاهُمْ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ وَأَمْهَلَهُمْ طُولَ السِّنِينَ فَلَمْ يَقْدِرُوا يُقَالُ تَحَدَّى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا دَعَاهُ إِلَى أَمْرٍ لِيُظْهِرَ عَجْزَهُ فِيهِ وَنَازَعَهُ الْغَلَبَةَ فِي قِتَالٍ أَوْ كَلَامِ غَيْرِهِ ومنه أنا حدياك أي ابرزلي وَحْدَكَ
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَدَّى الْعَرَبَ قَاطِبَةً بِالْقُرْآنِ حِينَ قَالُوا افْتَرَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} فَلَمَّا عَجَزُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ تُشَاكِلُ القرآن قال تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} ثُمَّ كَرَّرَ هَذَا فَقَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ من مثله} أَيْ مِنْ كَلَامٍ مِثْلِهِ وَقِيلَ مِنْ بِشَرٍ مِثْلِهِ وَيُحَقِّقُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الْآيَتَانِ السَّابِقَتَانِ فَلَمَّا عَجَزُوا عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ تُشْبِهُ الْقُرْآنَ عَلَى كَثْرَةِ الْخُطَبَاءِ فِيهِمْ وَالْبُلَغَاءِ قَالَ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كان بعضهم لبعض ظهيرا} فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَحَدَّاهُمْ بِهِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ لَفَعَلُوا وَلَمَا عَدَلُوا إِلَى الْعِنَادِ تَارَةً وَالِاسْتِهْزَاءِ أُخْرَى فَتَارَةً قَالُوا: سِحْرٌ وَتَارَةً قَالُوا: شِعْرٌ وَتَارَةً قَالُوا: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كُلُّ ذَلِكَ مِنَ التَّحَيُّرِ وَالِانْقِطَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute