فَإِنْ قُلْتَ: فَلَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَالَ التَّرْغِيبِ! قُلْتُ كَانُوا مُؤْمِنِينَ قَبْلَهُ بِدَلِيلِ سَبَبِ نُزُولِهَا وَعُومِلُوا هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مِنَ الْإِضَافَةِ مُبَالَغَةً فِي التَّرْغِيبِ
وَأَمَّا مَقَامُ التَّرْهِيبِ فَهُوَ مُضَادٌّ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حدوده يدخله نارا خالدا فيها} وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّرْهِيبِ بُطْلَانُ النُّصُوصِيَّةِ مِنْ ظَاهِرِهَا عَلَى عَدَمِ الْمَغْفِرَةِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي لِأَنَّ مَنْ لِلْعُمُومِ لِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ فِي جَمِيعِ الْمَعَاصِي فَقَدْ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالْخُلُودِ وَهُوَ يُنَافِي الْمَغْفِرَةَ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَقَامٍ يُضَادُّ الْآخَرَ وَيُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: الْمَعَانِي الْإِفْرَادِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا أَقْوَى دَلَالَةً وَأَفْخَمَ مُسَمًّى وَأَسْلَسَ لَفْظًا وَنَحْوَهُ
الثَّانِي: الْمَعَانِي الْإِعْرَابِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ مُسَمَّاهَا أَبْلَغَ مَعْنًى كَالتَّمْيِيزِ مَعَ الْبَدَلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {واشتعل الرأس شيبا} مَعَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبَةً وَهَذَا أَبْلَغُ مِنِ اشْتَعَلَ شَيْبُ الرَّأْسِ
الثَّالِثُ: مَوَاقِعُ التَّرْكِيبِ كَقَوْلِهِ تعالى: {وقال الله لا تتخذوا إلهين} فإن الأولى جعل اثنين مفعول يتخذوا وإلهين صِفَةً لَهُ تَقَدَّمَتْ فَانْتَصَبَتْ عَلَى الْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ اتَّخَذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّ اثْنَيْنِ أَعَمُّ مِنْ إلهين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute