وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحْسَنَ تفسيرا} أَيْ تَفْصِيلًا
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْفَسْرُ وَالسَّفَرُ يَتَقَارَبُ مَعْنَاهُمَا كَتَقَارُبِ لَفْظَيْهِمَا لَكِنْ جُعِلَ الْفَسْرُ لِإِظْهَارِ الْمَعْنَى الْمَعْقُولِ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَا يُنْبِئُ عَنْهُ الْبَوْلُ: تَفْسِرَةٌ وَسُمِّيَ بِهَا قَارُورَةُ الْمَاءِ وَجُعِلَ السَّفَرُ لِإِبْرَازِ الْأَعْيَانِ لِلْأَبْصَارِ فَقِيلَ سَفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: هُوَ عِلْمُ نُزُولِ الْآيَةِ وَسُورَتِهَا وَأَقَاصِيصِهَا وَالْإِشَارَاتِ النَّازِلَةِ فِيهَا ثُمَّ تَرْتِيبِ مَكِّيِّهَا وَمَدَنِيِّهَا وَمُحْكَمِهَا وَمُتَشَابِهِهَا وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامتها وَمُطْلَقِهَا وَمُقَيَّدِهَا وَمُجْمَلِهَا وَمُفَسَّرِهَا
وَزَادَ فِيهَا قَوْمٌ فَقَالُوا: عِلْمُ حَلَالِهَا وَحَرَامِهَا وَوَعْدِهَا وَوَعِيدِهَا وَأَمْرِهَا وَنَهْيِهَا وَعِبَرِهَا وَأَمْثَالِهَا وَهَذَا الَّذِي مُنِعَ فِيهِ الْقَوْلُ بِالرَّأْيِ
وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْأَوْلِ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: مَا تَأْوِيلُ هَذَا الكلام؟ أي إلام تَؤُولُ الْعَاقِبَةُ فِي الْمُرَادِ بِهِ كَمَا قَالَ تعالى: {يوم يأتي تأويله} أَيْ تُكْشَفُ عَاقِبَتُهُ وَيُقَالُ آلَ الْأَمْرُ إِلَى كَذَا أَيْ صَارَ إِلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}
وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَآلِ وَهُوَ الْعَاقِبَةُ وَالْمَصِيرُ وَقَدْ أَوَّلْتُهُ فَآلَ أَيْ صَرَفْتُهُ فَانْصَرَفَ فَكَأَنَّ التَّأْوِيلَ صَرْفُ الْآيَةِ إِلَى مَا تَحْتَمِلُهُ مِنَ الْمَعَانِي
وَإِنَّمَا بَنَوْهُ عَلَى التَّفْعِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في التفسير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute