للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: الْمُضَادَّةُ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} الآية فإنه أَوَّلَ السُّورَةِ كَانَ حَدِيثًا عَنِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ وَأَنَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الَّذِينَ مِنْ صِفَاتِهِمْ كَيْتَ وَكَيْتَ فَرَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا أَكْمَلَهُ عَقَّبَ بِمَا هُوَ حَدِيثٌ عَنِ الْكُفَّارِ فَبَيْنَهُمَا جَامِعٌ وَهْمِيٌّ بِالتَّضَادِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَحِكْمَتُهُ التَّشْوِيقُ وَالثُّبُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا قِيلَ:

وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا جَامِعٌ بَعِيدٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَدِيثًا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَرْضِ لَا بِالذَّاتِ وَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ الَّذِي هُوَ مَسَاقُ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ الْحَدِيثُ عَنِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُفْتَتَحُ الْقَوْلِ قُلْنَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَامِعِ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي التَّعَلُّقُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَيَكْفِي فِي وَجْهِ الرَّبْطِ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الْقَصْدَ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلُ بِهِ وَالْحَثُّ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَلِهَذَا لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عبدنا} الآية فَرَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ

الثَّالِثُ: الِاسْتِطْرَادُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يا بني آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيات الله لعلهم يذكرون}

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هَذِهِ الْآيَةُ وَارِدَةٌ عَلَى سَبِيلِ الاستطراد عقب ذكر بدو السوءات وَخَصْفِ الْوَرَقِ عَلَيْهَا إِظْهَارًا لِلْمِنَّةِ فِيمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ اللِّبَاسِ وَلِمَا فِي الْعُرْيِ وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ مِنَ الْمَهَانَةِ وَالْفَضِيحَةِ وَإِشْعَارًا بِأَنَّ السَّتْرَ بَابٌ عَظِيمٌ مِنْ أَبْوَابِ التَّقْوَى

وَجَعَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي كِتَابِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ مِنَ الِاسْتِطْرَادِ قَوْلَهُ تَعَالَى {أَوَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>