وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَا مَوْضُوعَةٌ فِي اللغة للنفي وإلا لِلْإِثْبَاتِ وَأَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْحَصْرُ وَيَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَوَامِرِ طَلَبُ إِدْخَالِ مَاهِيَّةِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْوُجُودِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صِيغَةَ افْعَلْ مُقْتَضَاهَا التَّرْجِيحُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَدَّعِي الْجَهْلَ بِمَعَانِي أَلْفَاظِهِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالضَّرُورَةِ
الثَّالِثُ: مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْغُيُوبِ نَحْوُ الْآيِ الْمُتَضَمِّنَةِ قِيَامَ السَّاعَةِ وَنُزُولَ الْغَيْثِ وَمَا فِي الْأَرْحَامِ وَتَفْسِيرَ الرُّوحِ وَالْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةِ وَكُلُّ مُتَشَابِهٍ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ فَلَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي تَفْسِيرِهِ وَلَا طَرِيقَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِمَّا نَصٌّ مِنَ التَّنْزِيلِ أَوْ بَيَانٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى تَأْوِيلِهِ فَإِذَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ عَلِمْنَا أَنَّهُ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ
وَالرَّابِعُ: مَا يَرْجِعُ إِلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَيْهِ إِطْلَاقُ التَّأْوِيلِ وَهُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ إلى ما يئول إِلَيْهِ فَالْمُفَسِّرُ نَاقِلٌ وَالْمُؤَوِّلُ مُسْتَنْبِطٌ وَذَلِكَ اسْتِنْبَاطُ الْأَحْكَامِ وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ
وَكُلُّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ فَصَاعِدًا فَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعُلَمَاءِ الِاجْتِهَادُ فِيهِ وَعَلَى الْعُلَمَاءِ اعْتِمَادُ الشَّوَاهِدِ وَالدَّلَائِلِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِدُوا مُجَرَّدَ رَأْيِهِمْ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَكُلُّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ فَهُوَ قِسْمَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute