للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا. مَا أَصَابَكَ مِنْ حسنة فمن الله} أَيْ يَقُولُونَ: {مَا أَصَابَكَ} قَالَ: وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِيرُ لَكَانَ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عند الله}

وقوله: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} أَيْ: آيَةً مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِقَتْلِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّاقَةَ كَانَتْ مُبْصِرَةً لَا عَمْيَاءَ

الثَّالِثُ: مِنْ تَعْيِينِ الضَّمِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يعفو الذي بيده عقدة النكاح} فَالضَّمِيرُ فِي {يَدِهِ} يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَلَى الزَّوْجِ وَرُجِّحَ الثَّانِي لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ مَالِ يَتِيمِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَحَمْلُ الْكَلَامِ الْمُحْتَمِلِ عَلَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ خِطَابًا لِلْأَزْوَاجِ لَقَالَ: "إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ" بِالْخِطَابِ لِأَنَّ صَدْرَ الْآيَةِ خِطَابٌ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: {وإن طلقتموهن} إلى قوله: {نصف ما فرضتم}

قُلْنَا: هُوَ الْتِفَاتٌ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْفَاعِلِيُّ الَّذِي فِي {يَرْفَعُهُ} عَائِدًا عَلَى الْعَمَلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ -وَهُوَ التَّوْحِيدُ- يَرْفَعُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِأَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْأَعْمَالُ إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْكَلِمِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْإِيمَانَ فِعْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ لَا يَصِحُّ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>