الرجعي إذا لولا هذا الْقَرِينَةُ لَكَانَ الْكُلُّ مُنْحَصِرًا فِي الطَّلْقَتَيْنِ وَهَذِهِ الْقَرِينَةُ وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً فِي سِيَاقِ ذِكْرِ الطَّلْقَتَيْنِ إِلَّا أَنَّهَا جَاءَتْ فِي آيَةٍ أُخْرَى فَلِهَذَا جُعِلَتْ مِنْ قِسْمِ الْمُنْفَصِلَةِ
وَمِثَالُ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الرُّؤْيَةِ وَيُفَسَّرُ بِهِ قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} حَيْثُ كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ أَصْلًا وَبَيْنَ نَفْيِ الْإِحَاطَةِ وَالْحَصْرِ دُونَ أَصْلِ الرُّؤْيَةِ
وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يومئذ لمحجوبون} فَإِنَّهُ لَمَّا حَجَبَ الْفُجَّارَ عَنْ رُؤْيَتِهِ خِزْيًا لَهُمْ دَلَّ عَلَى إِثْبَاتِهَا لِلْأَبْرَارِ وَارْتَفَعَ بِهِ الإجمال في قوله: {لا تدركه الأبصار}
وَأَمَّا الْقَرَائِنُ الْمَعْنَوِيَّةُ فَلَا تَنْحَصِرُ وَمِنْ مِثْلِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} فَإِنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ الْخَبَرِ وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّهُنَّ قَدْ لَا يَتَرَبَّصْنَ فَيَقَعُ خَبَرُ اللَّهِ بِخِلَافِ مَخْبَرِهِ وَهُوَ مُحَالٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ هَذِهِ الْقَرِينَةِ حَمْلَ الصِّيغَةِ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ صِيَانَةً لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ احْتِمَالِ الْمُحَالِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ صِيغَةِ الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute