عَدَاوَتِهِمُ الْغُصَصَ فَجَعَلَهُ اللَّهُ كَأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَرَاهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْفَظِيعَةِ مَنْ نَكْسِ الرؤوس صُمًّا عُمْيًا لِيَشْمَتَ بِهِمْ
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ: "لَوْ" امْتِنَاعِيَّةً وَجَوَابَهَا مَحْذُوفٌ أَيْ لَرَأَيْتَ أَسْوَأَ حَالٍ يُرَى
الرَّابِعُ: خِطَابُ الْعَامِّ وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْخُصُوصِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِالْجُمْلَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاما} وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جمعوا لكم} وَعُمُومُهُ يَقْتَضِي دُخُولَ جَمِيعِ النَّاسِ فِي اللَّفْظَيْنِ جَمِيعًا وَالْمُرَادُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ غَيْرُ الْمَقُولِ لَهُمْ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ نُعَيْمُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَالثَّانِي أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَمِمَّا يقوي أن المراد بالناس في قوله: {ن النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} وَاحِدٌ قَوْلُهُ: {إِنَّمَا ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} فَوَقَعَتِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ} إِلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَعْنِيُّ بِهِ جَمْعًا لَكَانَ "إِنَّمَا الشَّيَاطِينُ الشَّيَاطِينُ" فَهَذِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي اللَّفْظِ وَقِيلَ بَلْ وُضِعَ فِيهِ "الَّذِينَ" مَوْضِعَ "الَّذِي"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute