تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنَ الْأَحْكَامِ لِلنَّاسِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ عَامَّةٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَلَّغَهُ الْكَافَّةَ وَإِنَّمَا وُرُودُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ نَحْوُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ وَمِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ وَمِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَنَحْوِهَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهَا فَإِذَا لَمْ نَجِدْ مَا كَانَ فِيهَا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ وَارِدًا مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ عَلِمْنَا أَنَّ الْخَبَرَ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْأَصْلِ انْتَهَى
وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ مَمْنُوعَةٌ لِأَنَّ التَّبْلِيغَ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِصُورَةِ التَّوَاتُرِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا تَثْبُتُ زِيَادَةُ ذَلِكَ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُكَلِّفْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِشَاعَةَ شَيْءٍ إِلَى جَمْعٍ يَتَحَصَّلُ بِهِمُ الْقَطْعُ غَيْرَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ الْمُعْجِزُ الْأَكْبَرُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الْقَطْعُ فَأَمَّا بَاقِي الْأَحْكَامِ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُ بِهَا إِلَى الْآحَادِ وَالْقَبَائِلِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى قَطْعًا
الْخَامِسُ: خِطَابُ الْجِنْسِ
نَحْوُ: {يا أيها الناس} فَإِنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ النَّاسِ لَا كُلَّ فَرْدٍ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ هَذَا الْخِطَابِ وَهَذَا يَغْلِبُ فِي خِطَابِ أَهْلِ مَكَّةَ كَمَا سَبَقَ وَرَجَّحَ الْأُصُولِيُّونَ دُخُولَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخِطَابِ بـ يأيها الناس وفي القرآن سورتان أولهما {يا أيها النَّاسُ} إِحْدَاهُمَا: فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَهِيَ السُّورَةُ الرابعة منه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute