كقوله: {كلا إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو} قَالَ: الدُّعَاءُ مِنَ النَّارِ مَجَازٌ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أم أنزلنا عليهم سلطانا} الآية وَالسُّلْطَانُ هُنَا هُوَ الْبُرْهَانُ أَيْ بُرْهَانٌ يَسْتَدِلُّونَ بِهِ فَيَكُونُ صَامِتًا نَاطِقًا كَالدَّلَائِلِ الْمُخْبِرَةِ وَالْعِبْرَةِ والموعظة
وقوله: {فأمه هاوية} فَاسْمُ الْأُمِّ الْهَاوِيَةِ مَجَازٌ أَيْ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ كَافِلَةٌ لِوَلَدِهَا وَمَلْجَأٌ لَهُ كَذَلِكَ أَيْضًا النَّارُ لِلْكَافِرِينَ كَافِلَةٌ وَمَأْوًى وَمَرْجِعٌ
وَقَوْلِهِ: {قُتِلَ الخراصون} {قتل الإنسان ما أكفره} {قاتلهم الله أنى يؤفكون} وَالْفِعْلُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَجَازٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُ وَقِيلَ قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ وَهُوَ كَثِيرٌ فَلْنَذْكُرْ أَنْوَاعَهُ لِتَكُونَ ضَوَابِطَ لِبَقِيَّةِ الْآيَاتِ الشَّرِيفَةِ
الْأَوَّلُ: إِيقَاعُ الْمُسَبَّبِ مُوقِعَ السَّبَبِ
كقوله تعالى: {قد أنزلنا عليكم لباسا} وإنما نزل سببه وهو الماء وكقوله: {يا بني آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ من الجنة} وَلَمْ يَقُلْ: "كَمَا فَتَنَ أَبَوَيْكُمْ" لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْجَنَّةِ هُوَ الْمُسَبَّبُ النَّاشِئُ عَنِ الْفِتْنَةِ فَأَوْقَعَ الْمُسَبَّبَ مَوْقِعَ السَّبَبِ أَيْ لَا تَفْتَتِنُوا بِفِتْنَةِ الشَّيْطَانِ فَأُقِيمُ فِيهِ السَّبَبُ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ وَهُوَ سَبَبٌ خَاصٌّ فَإِذَا عُدِمَ فَيُعْدَمُ الْمُسَبَّبُ فَالنَّهْيُ فِي الْحَقِيقَةِ لِبَنِي آدَمَ وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ وُقُوعِ هَذَا الْفِعْلِ مِنْهُمْ فَلَمَّا أُخْرِجَ السَّبَبُ مِنْ أَنْ يُوجَدَ بِإِيرَادِ النَّهْيِ عَلَيْهِ كَانَ أَدَلَّ عَلَى امْتِنَاعِ النَّهْيِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute