وقوله: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
وقوله: {وجوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة} يُرِيدُ الْأَجْسَادَ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالنَّصْبَ مِنْ صِفَاتِهَا وأما قوله: {وجوه يومئذ ناعمة} فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا عَبَّرَ بِالْوُجُوهِ عَنِ الرِّجَالِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَصْفِ الْبَعْضِ بِصِفَةِ الْكُلِّ لِأَنَّ التَّنَعُّمَ مَنْسُوبٌ إِلَى جميع الجسد
ومنه: {وجوه يومئذ ناضرة} فَالْوَجْهُ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ لَا الْوَجْهُ وَحْدَهُ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ "الْوَجْهِ" الَّذِي جَاءَ مُضَافًا إِلَى اللَّهِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ فَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ الْحُذَّاقِ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْوُجُودِ وَالْعِبَارَةُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ مَجَازٌ إِذْ هُوَ أَظْهَرُ الْأَعْضَاءِ في الْمُشَاهَدَةِ وَأَجَلُّهَا قَدْرًا وَقِيلَ -وَهُوَ الصَّوَابُ-: هِيَ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ بِالسَّمْعِ زَائِدَةٌ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الْعُقُولُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَّفَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فَالْمُرَادُ الْجِهَةُ الَّتِي وُجِّهْنَا إِلَيْهَا فِي الْقِبْلَةِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْجَاهُ أَيْ فَثَمَّ جَلَالُ الله وعظمته
وقوله: {فبما كسبت أيديكم} {ولا تلقوا بأيديكم} تَجَوَّزَ بِذَلِكَ عَنِ الْجُمْلَةِ
وَقَوْلُهُ: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كل بنان} الْبَنَانُ الْإِصْبَعُ تَجَوَّزَ بِهَا عَنِ الْأَيْدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute