للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ هُنَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ بَلِ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ فِي الصِّفَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لِمَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مِثْلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِثْلُ لَا تَسْتَدْعِي الْمُشَابَهَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَالَ الْكَوَاشِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكَافَ وَمِثْلُ لَيْسَا زَائِدَتَيْنِ بَلْ يَكُونُ التَّمْثِيلُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ كَقَوْلِهِ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لفسدتا} وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لَوْ فَرَضْنَا لَهُ مِثْلًا لَامْتَنَعَ أَنْ يُشْبِهَ ذَلِكَ الْمِثْلَ الْمَفْرُوضَ شَيْءٌ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهتدوا} فَقِيلَ: إِنَّ مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا لَوْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا مِنَ الصِّلَةِ ضَمِيرٌ وَهُوَ الْهَاءُ فِي بِهِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يَعُودُ عَلَى الْحُرُوفِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْمًا إِلَّا بِالصِّلَةِ وَالِاسْمُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ مَا هُوَ صِفَتُهُ إِذْ لَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى رَبْطٍ وَجَوَابُهُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً صِلَتُهَا {آمَنْتُمْ بِهِ} وَقِيلَ: مَزِيدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ آمَنُوا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ أَيْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ

وَقِيلَ: إِنَّ مِثْلًا صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ آمَنُوا بِشَيْءٍ مِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا آمَنُوا بِهِ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ حَتَّى يُؤْمِنُوا بذلك المثل

<<  <  ج: ص:  >  >>