تَاسِعُهَا: قَصْدُ الِاخْتِصَارِ وَمِنْهُ الْكِنَايَةُ عَنْ أَفْعَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِلَفْظِ فَعَلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَبِئْسَ مَا كانوا يفعلون} {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به} {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} أَيْ: فَإِنْ لَمْ تَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَلَنْ تَأْتُوا
عَاشِرُهَا: أَنْ يَعْمِدَ إِلَى جُمْلَةٍ وَرَدَ مَعْنَاهَا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَيَأْخُذَ الْخُلَاصَةَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مُفْرَدَاتِهَا بِالْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَجَازِ فَتُعَبِّرَ بِهَا عَنْ مَقْصُودِكَ وَهَذِهِ الْكِنَايَةُ اسْتَنْبَطَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ وَخَرَّجَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ على العرش استوى} فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُلْكِ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ عَلَى السَّرِيرِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مَعَ الْمُلْكِ فَجَعَلُوهُ كِنَايَةً عَنْهُ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يوم القيامة} الْآيَةَ إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ عَظْمَتِهِ وَجَلَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ذَهَابٍ بِالْقَبْضِ وَالْيَمِينِ إِلَى جِهَتَيْنِ: حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ
وَقَدِ اعْتَرَضَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا تَفْتَحُ بَابَ تَأْوِيلَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} الِاسْتِغْرَاقُ فِي الْخِدْمَةِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَابِ إِلَى نَعْلٍ وَخَلْعِهِ وَكَذَا نَظَائِرُهُ انْتَهَى
وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ إِجْرَاءِ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا سَبَقَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ بِخِلَافِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ وَنَحْوِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute