للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ نَحْوُ: "كَبُرَ" فِي نَحْوِ: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم} {كبر مقتا عند الله} {كيف تكفرون}

وَاحْتَجَّ الثَّمَانِينِيُّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أسمع بهم وأبصر} تَقْدِيرُهُ: مَا أَسْمَعَهُمْ وَأَبْصَرَهُمْ! وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَتَعَجَّبْ بِهِمْ وَلَكِنْ دَلَّ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ

وَهُنَا مَسْأَلَتَانِ:

الْأُولَى: قِيلَ: لَا يُتَعَجَّبُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ فَلَا يُقَالُ: مَا أَعْظَمَ اللَّهَ! لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إِلَى: شَيْءٌ عَظَّمَ اللَّهَ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ صِيَغِ التَّعَجُّبِ وَصِفَاتُ اللَّهِ تعالى قديمة وقيل: بجوازه باعتبار أنه يجب تَعْظِيمُ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَهُوَ يَرْجِعُ لِاعْتِقَادِ الْعِبَادِ عَظَمَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَا أَقْدَرَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِي عَلَى شَحَطٍ

مَنْ دَارُهُ الْحُزْنُ مِمَّنْ دَارُهُ صُولُ

وَالْأَوَّلُونَ قَالُوا: هَذَا أَعْرَابِيٌّ جَاهِلٌ بِصِفَاتِ اللَّهِ وَقَالَ بعض المحققين: التعجب إِنَّمَا يُقَالُ لِتَعْظِيمِ الْأَمْرِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهُ وَلَا يُخْطَرُ بِالْبَالِ أَنَّ شَيْئًا صَيَّرَهُ كَذَلِكَ وَخَفِيَ عَلَيْنَا فَلَا يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ التَّعَجُّبُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ

وَالثَّانِيَةُ: هَلْ يَجُوزُ إِطْلَاقُ التَّعَجُّبِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَقِيلَ: بِالْمَنْعِ لِأَنَّ التَّعَجُّبَ اسْتِعْظَامٌ وَيَصْحَبُهُ الْجَهْلُ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي الْمُقَرِّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>