للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا جَاءَتْ جُمْلَةُ الْخَبَرِ بَعْدَ النِّدَاءِ تَتْبَعُهَا جملة الأمر كما في قوله تعالى: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له}

وَقَدْ تَجِيءُ مَعَهُ الْجُمَلُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ وَالْخَبَرِيَّةُ كَقَوْلِهِ تعالى في الخبر: {يا عباد لا خوف عليكم} وفي الاستفهام: {يا أبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ} {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تفعلون} {يا أيها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}

وَهُنَا فَائِدَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: كُلُّ نِدَاءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَعْقُبُهُ فَهْمٌ فِي الدِّينِ إِمَّا مِنْ نَاحِيَةِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي عُقِدَتْ بِهَا سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ وَإِمَّا مَوَاعِظُ وَزَوَاجِرُ وَقَصَصٌ لِهَذَا الْمَعْنَى كُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الدِّينِ الَّذِي خُلِقَ الْخَلْقُ لِأَجْلِهِ وَقَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ بِهِ فَكَانَ حَقُّ هَذِهِ أَنْ تُدْرَكَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الْبَلِيغَةِ

الثَّانِيَةُ: النِّدَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْبَعِيدِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}

لَطِيفَةٌ: فَإِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ كَمَا نَادَاهُ نَاجَاهُ أَيْضًا وَالنِّدَاءُ مُخَاطَبَةُ الْأَبْعَدِ وَالْمُنَاجَاةُ مُخَاطَبَةُ الْأَقْرَبِ وَلِأَجْلِ هَذِهِ اللَّطِيفَةِ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ مخاطبته لآدم وحواء بقوله: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}

<<  <  ج: ص:  >  >>