للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُسْلُوبُ الْأَوَّلُ: التَّأْكِيدُ

وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْحَمْلُ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ لِيَصِيرَ وَاقِعًا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَأْكِيدُ الْمَاضِي وَلَا الْحَاضِرِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَإِنَّمَا يُؤَكَّدُ الْمُسْتَقْبَلُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: جُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ فِيهِمَا تَأْكِيدٌ وَلَا في اللغة بل لابد أَنْ يُفِيدَ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْتَرَضَ الْمُلْحِدُونَ عَلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِمَا فِيهِمَا مِنَ التَّأْكِيدَاتِ وَأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا وَأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَلَاغَةِ فِي النَّظْمِ إِيجَازُ اللَّفْظِ وَاسْتِيفَاءُ الْمَعْنَى وَخَيْرُ الْكَلَامِ مَا قَلَّ وَدَلَّ وَلَا يُمَلُّ وَالْإِفَادَةُ خَيْرٌ مِنَ الْإِعَادَةِ وَظَنُّوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَجِيءُ لِقُصُورِ النَّفَسِ عَنْ تَأْدِيَةِ الْمُرَادِ بِغَيْرِ تَأْكِيدٍ وَلِهَذَا أَنْكَرُوا وُقُوعَهُ فِي الْقُرْآنِ

وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى لِسَانِ الْقَوْمِ وَفِي لِسَانِهِمُ التَّأْكِيدُ وَالتَّكْرَارُ وَخِطَابُهُ أَكْثَرُ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ مَعْدُودٌ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَرَاعَةِ وَمَنْ أَنْكَرَ وُجُودَهُ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مُكَابِرٌ إِذْ لَوْلَا وُجُودُهُ لَمْ يَكُنْ لِتَسْمِيَتِهِ تَأْكِيدًا فَائِدَةٌ فَإِنَّ الِاسْمَ لَا يُوضَعُ إِلَّا لِمُسَمًّى مَعْلُومٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ

الثَّانِيَةُ: حَيْثُ وَقَعَ فَهُوَ حَقِيقَةٌ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا مَا أَفَادَهُ الْمَذْكُورُ الْأَوَّلُ حَكَاهُ الطرطوسي في العمدة ثُمَّ قَالَ وَمَنْ سَمَّى التَّأْكِيدَ مَجَازًا فَيُقَالُ لَهُ إِذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>